وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ وَجَمَعُوا لِلنَّجَاشِيِّ هَدِيَّةً، وَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيِّ فَأَتَيَاهُ بِالْهَدِيَّةِ، فَقَبِلَهَا، وَسَجَدَا لَهُ، ثُمَّ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَرْضِنَا رَغِبُوا عَنْ دِينِنَا، وَهُمْ فِي أَرْضِكَ. قَالَ لَهُمُ النَّجَاشِيُّ: فِي أَرْضِي؟ ! قَالَا: نَعَمْ. فَبَعَثَ إِلَيْنَا. فَقَالَ لَنَا جَعْفَرٌ: لَا يَتَكَلَّمُ مِنْكُمْ أَحَدٌ، أَنَا خَطِيبُكُمُ الْيَوْمَ. فَانْتَهَيْنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِهِ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَارَةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَالْقِسِّيسُونَ جُلُوسٌ سِمَاطَيْنِ وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عَمْرٌو وَعُمَارَةُ: إِنَّهُمْ لَا يَسْجُدُونَ لَكَ فَلَمَّا انْتَهَيْنَا، بَدَرَنَا مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ: اسْجُدُوا لِلْمَلِكِ. فَقَالَ جَعْفَرٌ: لَا نَسْجُدُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ لَهُ النَّجَاشِيُّ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ فِينَا رَسُولًا، وَهُوَ الرَّسُولُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦] فَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَنُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَأَمَرَنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ. فَأَعْجَبَ النَّجَاشِيَّ قَوْلُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ، إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. فَقَالَ النَّجَاشِيُّ لِجَعْفَرٍ: مَا يَقُولُ صَاحِبُكُمْ فِي ابْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ: يَقُولُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ ; هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، أَخْرَجَهُ مِنَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ، الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا بَشَرٌ، وَلَمْ يَفْرِضْهَا وَلَدٌ. فَتَنَاوَلَ النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ فَرَفَعَهُ، فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute