للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَا الرَّحِمِ الْقُرْبَى فَلَا تَقْطَعَنَّهُ … لِعَاقِبَةٍ وَلَا الْأَسِيرَ الْمُقَيَّدَا

وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِيَّةِ وَالضُّحَى … وَلَا تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاحْمَدَا

وَلَا تَسْخَرَنَّ مِنْ بَائِسٍ ذِي ضَرَارَةٍ … وَلَا تَحْسَبَنَّ الْمَالَ لِلْمَرْءِ مُخْلِدَا

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَلَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، اعْتَرَضَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ جَاءَ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ لِيُسْلِمَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّهُ يُحَرِّمُ الزِّنَا. فَقَالَ الْأَعْشَى: وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لَأَمْرٌ مَا لِي فِيهِ مِنْ أَرَبٍ. فَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّهُ يُحَرِّمُ الْخَمْرَ. فَقَالَ الْأَعْشَى: أَمَّا هَذِهِ فَوَاللَّهِ إِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا لَعُلَالَاتٍ، وَلَكِنِّي مُنْصَرِفٌ فَأَتَرَوَّى مِنْهَا عَامِي هَذَا، ثُمَّ آتِيهِ فَأُسْلِمُ. فَانْصَرَفَ، فَمَاتَ فِي عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعُدْ إِلَى النَّبِيِّ . هَكَذَا أَوْرَدَ ابْنُ هِشَامٍ هَذِهِ الْقِصَّةَ هَاهُنَا، وَهُوَ كَثِيرُ الْمُؤَاخَذَاتِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَهَذَا مِمَّا يُؤَاخَذُ بِهِ ابْنُ هِشَامٍ ، فَإِنَّ الْخَمْرَ إِنَّمَا حُرِّمَتْ بِالْمَدِينَةِ، بَعْدَ وَقْعَةِ بَنِي النَّضِيرِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَزْمَ الْأَعْشَى عَلَى الْقُدُومِ لِلْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>