أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا. قَالَ: فَلَمَّا تَقَارَبَ مِنْ أَبِي طَالِبٍ الْمَوْتُ، نَظَرَ الْعَبَّاسُ إِلَيْهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ بِأُذُنِهِ. قَالَ: فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ أَخِي الْكَلِمَةَ التِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ أَسْمَعْ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أُولَئِكَ الرَّهْطِ: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} [ص: ١]
[ص: ٢، ١] الْآيَاتِ» . وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ ". وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْغُلَاةِ، إِلَى أَنَّ أَبَا طَالِبٍ مَاتَ مُسْلِمًا بِقَوْلِ الْعَبَّاسِ هَذَا الْحَدِيثَ: يَا ابْنَ أَخِي! لَقَدْ قَالَ الْكَلِمَةَ التِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا. يَعْنِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ; أَحَدُهَا، أَنَّ فِي السَّنَدِ مُبْهَمًا لَا يُعْرُفُ حَالُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ. وَهَذَا إِبْهَامٌ فِي الِاسْمِ وَالْحَالِ، وَمِثْلُهُ يُتَوَقَّفُ فِيهِ لَوِ انْفَرَدَ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ نَحْوًا مِنْ هَذَا السِّيَاقِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْعَبَّاسِ. وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا، عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute