وَمَا أَظْهَرَ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّفَقَةِ فِي أَشْعَارِهِ التِي أَسْلَفْنَاهَا، وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ لِمَنْ خَالَفَهُ وَكَذَّبَهُ، بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ الْفَصِيحَةِ، الْبَلِيغَةِ، الْهَاشِمِيَّةِ، الْمُطَّلِبِيَّةِ، التِي لَا تُدَانَى وَلَا تُسَامَى، وَلَا يُمْكِنُ عَرَبِيًّا مُقَارَبَتُهَا، وَلَا مُعَارَضَتُهَا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَادِقٌ، بَارٌّ، رَاشِدٌ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَمْ يُؤْمِنْ قَلْبُهُ. وَفَرْقٌ بَيْنَ عِلْمِ الْقَلْبِ وَتَصْدِيقِهِ، كَمَا قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ - صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ - وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الْبَقَرَةِ: ١٤٦]. وَقَالَ تَعَالَى فِي قَوْمِ فِرْعَوْنَ: وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ [النَّمْلِ: ١٤]. وَقَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا [الْإِسْرَاءِ: ١٠٢]، وَقَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ [الْأَنْعَامِ: ٢٦] إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، حَيْثُ كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ أَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَيَنْأَى هُوَ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْأَظْهَرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَهُمْ يَنْهَونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute