للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ النَّبِيِّ مِنْ مَارِيَةَ، وَقَبْلَ مَقْدِمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ. وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ فَإِنَّ جَمِيعَ أَوْلَادِ النَّبِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا سَيَأْتِي مِنْ خَدِيجَةَ، إِلَّا إِبْرَاهِيمَ، فَمِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ . وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَى عَائِشَةَ وَأَرْضَاهُمَا، وَتَكَلَّمَ آخَرُونَ فِي إِسْنَادِهِ، وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ خَيْرًا عِشْرَةً، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَوْ ظَاهِرٌ، وَسَبَبُهُ أَنَّ عَائِشَةَ سَمَتْ بِشَبَابِهَا، وَحُسْنِهَا، وَجَمِيلِ عِشْرَتِهَا، وَلَيْسَ مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا: قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا. أَنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَتُفَضِّلُهَا عَلَى خَدِيجَةَ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَرْجِعُهُ إِلَى اللَّهِ ﷿، كَمَا قَالَ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النَّجْمِ: ٣٢] وَقَالَ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ [النِّسَاءِ: ٤٩] الْآيَةَ.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَتَجَاذَبَهَا طَرَفَا نَقِيضٍ; أَهِلُ التَّشَيُّعِ وَغَيْرُهُمْ، لَا يَعْدِلُونَ بِخَدِيجَةَ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ، لِسَلَامِ الرَّبِّ عَلَيْهَا، وَكَوْنِ وَلَدِ النَّبِيِّ جَمِيعِهِمْ - إِلَّا إِبْرَاهِيمَ - مِنْهَا، وَكَوْنِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ; إِكْرَامًا لَهَا، وَتَقَدُّمِ إِسْلَامِهَا، وَكَوْنِهَا مِنَ الصِّدِّيقَاتِ، وَلَهَا مَقَامُ صِدْقٍ فِي أَوَّلِ الْبِعْثَةِ، وَبَذَلَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ .

<<  <  ج: ص:  >  >>