للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا أَخَا قُرَيْشٍ، لَوْ ثَبَتَّ لَخَبَّرْتُكَ أَنَّكَ مِنْ زَمَعَاتِ قُرَيْشٍ وَلَسْتَ مِنَ الذَّوَائِبِ. قَالَ: فَأَقْبَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَسَّمُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ وَقَعْتَ مِنَ الْأَعْرَابِيِّ عَلَى بَاقِعَةٍ. فَقَالَ: أَجَلْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَامَّةٍ إِلَّا وَفَوْقَهَا طَامَّةٌ، وَالْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْقَوْلِ. قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى مَجْلِسٍ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَإِذَا مَشَايِخُ لَهُمْ أَقْدَارٌ وَهَيْئَاتٌ، فَتُقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ - قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ خَيْرٍ - فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنِي شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَالْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لَيْسَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ عِزٍّ فِي قَوْمِهِمْ - وَفِي رِوَايَةٍ: لَيْسَ وَرَاءَ هَؤُلَاءِ غُرَرٌ مِنْ قَوْمِهِمْ - وَهَؤُلَاءِ غُرَرُ النَّاسِ. وَكَانَ فِي الْقَوْمِ; مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو، وَهَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ، وَكَانَ أَقْرَبَ الْقَوْمِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ بَيَانًا وَلِسَانًا، وَكَانَتْ لَهُ غَدِيرَتَانِ تَسْقُطَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَكَانَ أَدْنَى الْقَوْمِ مَجْلِسًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ الْعَدَدُ فِيكُمْ؟ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا لَنَزِيدُ عَلَى أَلْفٍ، وَلَنْ تُغْلَبَ أَلْفٌ مِنْ قِلَّةٍ. فَقَالَ لَهُ: فَكَيْفَ الْمَنَعَةُ فِيكُمْ؟ فَقَالَ: عَلَيْنَا الْجَهْدُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ جِدٌّ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ: إِنَّا أَشَدُّ مَا نَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>