بِئْرُ مَرَقٍ. فَجَلَسَا فِي الْحَائِطِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا رِجَالٌ مِمَّنْ أَسْلَمَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، يَوْمَئِذٍ سَيِّدًا قَوْمِهِمَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَكِلَاهُمَا مُشْرِكٌ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، فَلَمَّا سَمِعَا بِهِ، قَالَ سَعْدٌ لِأُسَيْدٍ: لَا أَبَا لَكَ، انْطَلِقْ إِلَى هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ أَتَيَا دَارَيْنَا لِيُسَفِّهَا ضُعَفَاءَنَا فَازْجُرْهُمَا، وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فَإِنَّهُ لَوْلَا أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مِنِّي حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، كَفَيْتُكَ ذَلِكَ، هُوَ ابْنُ خَالَتِي وَلَا أَجِدُ عَلَيْهِ مُقَدَّمًا. قَالَ: فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ لِمُصْعَبٍ: هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَقَدْ جَاءَكَ فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ. قَالَ مُصْعَبٌ: إِنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ. قَالَ: فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا. فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمَا إِلَيْنَا تُسَفِّهَانِ ضُعَفَاءَنَا؟ اعْتَزِلَانَا إِنْ كَانَتْ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: فَقَالَ لَهُ عَلَامَ أَتَيْتَنَا فِي دُوْرِنَا بِهَذَا الْوَحِيدِ الْغَرِيبِ الطَّرِيدِ يُسَفِّهُ ضُعَفَاءَنَا بِالْبَاطِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ؟ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ كُفَّ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ. قَالَ: أَنْصَفْتَ. قَالَ: ثُمَّ رَكَّزَ حَرْبَتَهُ، وَجَلَسَ إِلَيْهِمَا، فَكَلَّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ. فَقَالَا فِيمَا يُذْكَرُ عَنْهُمَا: وَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فِي إِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟ قَالَا لَهُ: تَغْتَسِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute