عَوْفٍ بِقُبَاءَ، وَأَقَامَ فِيهِمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَأَسَّسَ مَسْجِدَ قُبَاءَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، ثُمَّ رَكِبَ وَمَعَهُ النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فِي مَكَانِ مَسْجِدِهِ، وَكَانَ مِرْبَدًا لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ، وَهَمَا سَهْلٌ وَسُهَيْلٌ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُمَا، وَاتَّخَذَهُ مَسْجِدًا، وَذَلِكَ فِي دَارِ بَنِي النَّجَّارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ قَوْمِي مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: لَمَّا بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ، وَتَوَكَّفْنَا قُدُومَهُ، كُنَّا نَخْرُجُ إِذَا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ إِلَى ظَاهِرِ حَرَّتِنَا نَنْتَظِرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَاللَّهِ مَا نَبْرَحُ حَتَّى تَغَلِبَنَا الشَّمْسُ عَلَى الظِّلَالِ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ ظِلَّا دَخَلْنَا، وَذَلِكَ فِي أَيَّامٍ حَارَّةٍ حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسْنَا كَمَا كُنَّا نَجْلِسُ، حَتَّى إِذْ لَمْ يَبْقَ ظِلٌّ دَخَلْنَا بُيُوتَنَا، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ دَخَلْنَا الْبُيُوتَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَآهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا بَنِي قَيْلَةَ، هَذَا جَدُّكُمْ قَدْ جَاءَ. فَخَرَجْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي ظِلِّ نَخْلَةٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي مِثْلِ سِنِّهِ، وَأَكْثَرُنَا لَمْ يَكُنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَكِبَهُ النَّاسُ وَمَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى زَالَ الظِّلُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَأَظَلَّهُ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفْنَاهُ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute