للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُلَمَاءِ مِنْ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَمُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْمُؤَاخَاةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِأَجْلِ ارْتِفَاقِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَلِيَتَأَلَّفَ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا مَعْنَى لِمُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا مُهَاجِرِيٍّ لِمُهَاجِرِيٍّ آخَرَ، كَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مُؤَاخَاةِ حَمْزَةَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ لَمْ يَجْعَلْ مَصْلَحَةَ عَلِيٍّ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ صِغَرِهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ. وَكَذَلِكَ يَكُونُ حَمْزَةُ قَدِ الْتَزَمَ بِمَصَالِحِ مَوْلَاهُمْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَآخَاهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَكَذَا ذِكْرُهُ لِمُؤَاخَاةِ جَعْفَرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِيهِ نَظَرٌ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ; فَإِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ إِنَّمَا قَدِمَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، فَكَيْفَ يُؤَاخِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَوَّلَ مَقْدِمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّهُ أُرْصِدَ لِأُخُوَّتِهِ إِذَا قَدِمَ حِينَ يَقْدَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخَوَيْنِ: مُخَالِفٌ لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ آخَى بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجِرَاحِ وَبَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ. وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>