للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَامُ يُحِبُّ أَنْ تُصْرَفَ قِبْلَتُهُ نَحْوَ الْكَعْبَةِ قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ يُكْثِرُ الدُّعَاءَ وَالتَّضَرُّعَ وَالِابْتِهَالَ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فَكَانَ مِمَّا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَطَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ سَائِلًا ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤] الْآيَةَ. فَلَمَّا نَزَلَ الْأَمْرُ بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ. كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَقْتَ الظُّهْرِ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: نَزَلَ تَحْوِيلُهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلَى الْكَعْبَةِ بِالْمَدِينَةِ، الْعَصْرُ. وَالْعَجَبُ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ لَمْ يَبْلُغْهُمْ خَبَرُ ذَلِكَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " «عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا. وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ» .

وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ "، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ نَحْوُ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>