للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرَيْشٍ: إِنَّكُمْ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِيرَكُمْ وَرِجَالَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، فَقَدْ نَجَّاهَا اللَّهُ، فَارْجِعُوا. فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا - وَكَانَ بَدْرٌ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ، يَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهِ سُوقٌ كُلَّ عَامٍ - فَنُقِيمَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَنَنْحَرَ الْجُزُرَ، وَنُطْعِمَ الطَّعَامَ، وَنَسْقِيَ الْخَمْرَ، وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا الْقِيَانُ، وَتَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدًا، فَامْضُوا. وَقَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقِ بْنِ عَمْرِو بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ، وَهُمْ بِالْجُحْفَةِ: يَا بَنِي زُهْرَةَ، قَدْ نَجَّى اللَّهُ لَكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَخَلَّصَ لَكُمْ صَاحِبَكُمْ مَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَإِنَّمَا نَفَرْتُمْ لِتَمْنَعُوهُ وَمَالَهُ، فَاجْعَلُوا بِي جُبْنَهَا وَارْجِعُوا، فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكُمْ بِأَنْ تَخْرُجُوا فِي غَيْرِ ضَيْعَةٍ، لَا مَا يَقُولُ هَذَا. قَالَ: فَرَجَعُوا فَلَمْ يَشْهَدْهَا زُهْرِيٌّ وَاحِدٌ، أَطَاعُوهُ وَكَانَ فِيهِمْ مُطَاعًا، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَدْ نَفَرَ مِنْهُمْ نَاسٌ، إِلَّا بَنِي عَدِيٍّ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَرَجَعَتْ بَنُو زُهْرَةَ مَعَ الْأَخْنَسِ، فَلَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا مِنْ هَاتَيْنِ الْقَبِيلَتَيْنِ أَحَدٌ. قَالَ: وَمَضَى الْقَوْمُ، وَكَانَ بَيْنَ طَالِبِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - وَكَانَ فِي الْقَوْمِ - وَبَيْنَ بَعْضِ قُرَيْشٍ مُحَاوَرَةٌ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْنَا يَا بَنِي هَاشِمٍ وَإِنْ خَرَجْتُمْ مَعَنَا، أَنَّ هَوَاكُمْ مَعَ مُحَمَّدٍ. فَرَجَعَ طَالِبٌ إِلَى مَكَّةَ مَعَ مَنْ رَجَعَ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

لَاهُمَّ إِمَّا يَغْزُوَنَّ طَالِبْ … فِي عُصْبَةٍ مُحَالِفٌ مُحَارِبْ

فِي مِقْنَبٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَانِبْ … فَلْيَكُنِ الْمَسْلُوبُ غَيْرَ السَّالِبْ

وَلِيَكُنِ الْمَغْلُوبُ غَيْرَ الْغَالِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>