للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَوْدَجِ، وَكَانَتْ حَامِلًا - فِيمَا يَزْعُمُونَ - فَطَرَحَتْ، وَبَرَكَ حَمُوهَا كِنَانَةُ، وَنَثَرَ كِنَانَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلَّا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا. فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ، وَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ فِي جِلَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ، كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ. فَكَفَّ، فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ، خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ عَلَانِيَةً، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا، وَمَا دُخِلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذْ خَرَجْتَ بِابْنَتِهِ إِلَيْهِ عَلَانِيَةً عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، أَنَّ ذَلِكَ عَنْ ذُلٍّ أَصَابَنَا، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا ضَعْفٌ وَوَهْنٌ، وَلَعَمْرِي مَا لَنَا بِحَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا مِنْ حَاجَةٍ، وَمَا لَنَا مِنْ ثُؤْرَةٍ، وَلَكِنِ ارْجِعْ بِالْمَرْأَةِ، حَتَّى إِذَا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنْ قَدْ رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّهَا سِرًّا وَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا. قَالَ: فَفَعَلَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ أُولَئِكَ النَّفَرَ الَّذِينَ رَدُّوا زَيْنَبَ لَمَّا رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ قَالَتْ هِنْدُ تَذُمُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ:

أَفِي السِّلْمِ أَعْيَارٌ جَفَاءً وَغِلْظَةً ... وَفِي الْحَرْبِ أَشْبَاهُ النِّسَاءِ الْعَوَارِكِ

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ لِلَّذِينِ رَجَعُوا مِنْ بَدْرٍ، بَعْدَمَا قُتِلَ مِنْهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>