للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيُسَلِمُوا، تَعَيَّتْ عَلَيَّ الْمَذَاهِبُ، فَقُلْتُ: أَلْحَقُ بِالشَّامِ أَوْ بِالْيَمَنِ أَوْ بِبَعْضِ الْبِلَادِ. فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي ذَلِكَ مِنْ هَمِّي، إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: وَيْحَكَ! إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا يَقْتُلُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ دَخَلَ فِي دِينِهِ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ. قَالَ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ، خَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَلَمْ يَرُعْهُ إِلَّا بِي قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ أَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أَوَحْشِيٌّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ اقْعُدْ فَحَدِّثْنِي كَيْفَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ. قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ كَمَا حَدَّثْتُكُمَا، فَلَّمَا فَرَغْتُ مِنْ حَدِيثِي قَالَ: وَيْحَكَ! غَيِّبْ عَنِّي وَجْهَكَ فَلَا أَرَيَنَّكَ. قَالَ: فَكُنْتُ أَتَنَكَّبُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ كَانَ ; لِئَلَّا يَرَانِي، حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ خَرَجْتُ مَعَهُمْ، وَأَخَذْتُ حَرْبَتِي الَّتِي قَتَلْتُ بِهَا حَمْزَةَ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ وَرَأَيْتُ مُسَيْلِمَةَ قَائِمًا وَبِيَدِهِ السَّيْفُ، وَمَا أَعْرِفُهُ، فَتَهَيَّأْتُ لَهُ، وَتَهَيَّأَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، كِلَانَا يُرِيدُهُ، فَهَزَزْتُ حَرْبَتِي، حَتَّى إِذَا رَضِيتُ مِنْهَا، دَفَعَتُهَا عَلَيْهِ، فَوَقَعَتْ فِيهِ، وَشَدَّ عَلَيْهِ الْأَنْصَارِيُّ بِالسَّيْفِ، فَرَبُّكَ أَعْلَمُ أَيُّنَا قَتَلَهُ، فَإِنْ كُنْتُ قَتَلْتُهُ، فَقَدْ قَتَلْتُ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَتَلْتُ شَرَّ النَّاسِ.

قُلْتُ: الْأَنْصَارِيُّ هُوَ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَقْتَلِ أَهْلِ الْيَمَامَةَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ فِي الرِّدَّةِ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>