عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَدَخَلَ بَعْضُهُمُ الْمَدِينَةَ وَانْطَلَقَ طَائِفَةٌ فَوْقَ الْجَبَلِ إِلَى الصَّخْرَةِ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ: إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ. فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ رَجُلًا، فَجَعَلُوا يَسِيرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إِلَّا طَلْحَةُ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَحَمَاهُ طَلْحَةُ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فِي يَدِهِ فَيَبُسَتْ يَدُهُ، وَأَقْبَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَقَدْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ. فَقَالَ: يَا كَذَّابُ، أَيْنَ تَفِرُّ؟ فَحَمَلَ عَلَيْهِ، فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْبِ الدِّرْعِ، فَجُرِحَ جَرْحًا خَفِيفًا، فَوَقَعَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ، فَاحْتَمَلُوهُ، وَقَالُوا: لَيْسَ بِكَ جِرَاحَةٌ، فَمَا يُجْزِعُكَ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ؟ لَوْ كَانَتْ بِجَمِيعِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَقَتَلَتْهُمْ. فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ، وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ: بَعَضُ أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ: لَيْتَ لَنَا رَسُولًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَيَأْخُذُ لَنَا أَمَنَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، يَا قَوْمُ، إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَارْجِعُوا إِلَى قَوْمِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ. فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا قَوْمُ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ، فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ، فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ. ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ وَضَعَ رَجُلٌ سَهْمًا فِي قَوْسِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيَهُ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute