الْأَنْبِيَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى مُنَاشَدَةَ نُوحٍ رَبَّهُ فِي وَلَدِهِ، وَسُؤَالَهُ لَهُ عَنْ غَرَقِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْلَامِ وَالِاسْتِكْشَافِ، وَوَجْهُ السُّؤَالِ أَنَّكَ وَعَدْتَنِي بِنَجَاةِ أَهْلِي مَعِي وَهُوَ مِنْهُمْ وَقَدْ غَرِقَ فَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أَيِ الَّذِينَ وَعَدْتُ بِنَجَاتِهِمْ أَيْ أَمَا قُلْنَا لَكَ: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ. فَكَانَ هَذَا مِمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ بِأَنْ سَيَغْرَقُ بِكُفْرِهِ، وَلِهَذَا سَاقَتْهُ الْأَقْدَارُ إِلَى أَنِ انْحَازَ عَنْ حَوْزَةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، فَغَرِقَ مَعَ حِزْبِهِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالطُّغْيَانِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ. هَذَا أَمْرٌ لِنُوحٍ ﵇ لَمَّا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَأَمْكَنَ السَّعْيُ فِيهَا، وَالِاسْتِقْرَارُ عَلَيْهَا، أَنْ يَهْبِطَ مِنَ السَّفِينَةِ الَّتِي كَانَتْ قَدِ اسْتَقَرَّتْ بَعْدَ سَيْرِهَا الْعَظِيمِ عَلَى ظَهْرِ جَبَلِ الْجُودِيِّ وَهُوَ جَبَلٌ بِأَرْضِ الْجَزِيرَةِ مَشْهُورٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ عِنْدَ خَلْقِ الْجِبَالِ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ. أَيِ اهْبِطْ سَالِمًا مُبَارَكًا عَلَيْكَ، وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ سَيُولَدُ بَعْدُ. أَيْ مِنْ أَوْلَادِكَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ نَسْلًا، وَلَا عَقِبًا سِوَى نُوحٍ ﵇ قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ. فَكُلُّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ مِنْ سَائِرِ أَجْنَاسِ بَنِي آدَمَ يَنْتَسِبُونَ إِلَى أَوْلَادِ نُوحٍ الثَّلَاثَةِ; وَهُمْ سَامٌ، وَحَامٌ، وَيَافِثُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: سَامٌ أَبُو الْعَرَبِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute