شَهْرًا حَتَّى بَرِأَ، ثُمَّ خَرَجَ فِي سَرِيَّةٍ، فَغَنِمَ مِنْهَا نَعَمًا وَمَغْنَمًا جَيِّدًا، ثُمَّ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ انْتَقَضَ عَلَيْهِ جُرْحَهُ، فَمَاتَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمَّا حَلَّتْ فِي شَوَّالٍ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَفْسِهَا بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ، وَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ مِرَرًا، فَتَذْكُرُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ غَيْرَى ; أَيْ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَنَّهَا مُصْبِيَةٌ ; أَيْ لَهَا صِبْيَانٌ يَشْغَلُونَهَا عَنْهُ، وَيَحْتَاجُونَ إِلَى مُؤْنَةٍ، تَحْتَاجُ مَعَهَا أَنْ تَعْمَلَ لَهُمْ فِي قُوتِهِمْ، فَقَالَ: أَمَّا الصِّبْيَةُ فَإِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - أَيْ نَفَقَتُهُمْ - لَيْسَ إِلَيْكِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ فَأَدْعُو اللَّهَ فَيُذْهِبُهَا. فَأَذِنَتْ فِي ذَلِكَ، وَقَالَتْ لِعُمَرَ آخِرَ مَا قَالَتْ لَهُ: قُمْ، فَزَوِّجِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. تَعْنِي: قَدْ رَضِيتُ وَأَذِنْتُ. فَتَوَهَّمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا تَقُولُ لِابْنِهَا عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ كَانَ إِذْ ذَاكَ صَغِيرًا لَا يَلِي مَثَلُهُ الْعَقْدَ، وَقَدْ جَمَعْتُ فِي ذَلِكَ جُزْءًا مُفْرَدًا بَيَّنْتُ فِيهِ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَأَنَّ الَّذِي وَلِيَ عَقْدَهَا عَلَيْهِ ابْنُهَا سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ أَكْبَرُ وَلَدِهَا، وَسَاغَ هَذَا ; لِأَنَّ أَبَاهُ ابْنُ عَمِّهَا فَلِلِابْنِ وِلَايَةُ أُمِّهِ إِذَا كَانَ سَبَبًا لَهَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ بِالْإِجْمَاعِ. وَكَذَا إِذَا كَانَ مُعْتِقًا أَوْ حَاكِمًا، فَأَمَا مَحْضُ الْبُنُوَّةِ فَلَا يَلِي بِهَا عَقْدَ النِّكَاحِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَحْدَهُ، وَخَالَفَهُ الثَّلَاثَةُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute