للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِينَ عَرَفَهُ: اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي إِقَالَةَ عَثَرَاتِ الْكِرَامِ. ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَخَرَجَ عَلَى وَجْهِهِ، حَتَّى بَاتَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ تَوَجَّهَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَذُكِرَ شَأْنُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ نَجَّاهُ اللَّهُ بِوَفَائِهِ». وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ أُوثِقَ بِرُمَّةٍ فِيمَنْ أُوثِقَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَصْبَحَتْ رُمَّتُهُ مُلْقَاةً، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِيهِ تِلْكَ الْمَقَالَةَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَتَوَاثَبَتِ الْأَوْسُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ مَوَالِينَا دُونَ الْخَزْرَجِ، وَقَدْ فَعَلْتَ فِي مَوَالِي إِخْوَانِنَا بِالْأَمْسِ مَا قَدْ عَلِمْتَ. يَعْنُونَ عَفْوَهُ عَنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ حِينَ سَأَلَهُ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا كَلَّمَتْهُ الْأَوْسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «يَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟». قَالُوا: بَلَى قَالَ: «فَذَلِكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَعَلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي خَيْمَةٍ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَسْلَمَ، يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ. فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَلَمَّا حَكَّمَهُ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، أَتَاهُ قَوْمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>