قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ تَزْوِيجُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِأُمِّ سَلَمَةَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَأَمَّا أُمُّ حَبِيبَةَ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ، وَكَوْنُهُ بَعْدَ الْخَنْدَقِ أَشْبَهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ رَأَى عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ، فَهُوَ فِي قَضِيَّتِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حَكَى الْحَافِظُ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " الْغَابَةِ " عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ لَمَّا هَاجَرَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَزَوَّجَهَا. وَحَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إِسْلَامِ أَبِيهَا بَعْدَ الْفَتْحِ، وَاحْتَجَّ هَذَا الْقَائِلُ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الْيَمَامِيِّ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَلَاثٌ أَعْطِنِيهُنَّ. قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: تُؤَمِّرُنِي عَلَى أَنْ أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِبًا بَيْنَ يَدَيْكَ. قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: وَعِنْدِي أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا» . الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ «لَمَّا جَاءَ يُجَدِّدُ الْعَقْدَ قَبْلَ الْفَتْحِ، دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمِّ حَبِيبَةَ فَثَنَتْ عَنْهُ فِرَاشَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَرَغِبْتِ بِي عَنْهُ، أَوْ بِهِ عَنِّي؟ قَالَتْ: بَلْ هَذَا فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَكِ بَعْدِي يَا بُنَيَّةُ شَرٌّ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute