وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: «تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا، فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا» . انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: ٢٧] (الْفَتْحِ: ٢٧) . صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَمَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ قَبْلَهُ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ، إِنَّمَا كَانَ الْقِتَالُ حَيْثُ الْتَقَى النَّاسُ، فَلَمَّا كَانَتِ الْهُدْنَةُ، وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا، وَأَمِنَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَقَوْا فَتَفَاوَضُوا فِي الْحَدِيثِ وَالْمُنَازَعَةِ، فَلَمْ يُكَلَّمْ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ - يَعْقِلُ شَيْئًا - إِلَّا دَخَلَ فِيهِ، وَلَقَدْ دَخَلَ فِي تَيْنَكِ السَّنَتَيْنِ مِثْلُ مَنْ كَانَ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ فِي قَوْلِ جَابِرٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute