للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسُّلَالِمِ؛ حِصْنَيْ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، وَتَحَصَّنُوا أَشَدَّ التَّحَصُّنِ، وَجَاءَ إِلَيْهِمْ كُلُّ فَلٍّ كَانَ قَدِ انْهَزَمَ مِنَ النَّطَاةِ وَالشِّقِّ، فَتَحَصَّنُوا مَعَهُمْ فِي الْقَمُوصِ - وَهُوَ فِي الْكَتِيبَةِ، وَكَانَ حِصْنًا مَنِيعًا - وَفِي الْوَطِيحِ وَالسُّلَالِمِ، وَجَعَلُوا لَا يَطْلُعُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ، حَتَّى هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْصِبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ - وَقَدْ حَصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا - نَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَصَالَحَهُ عَلَى حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَيُسَيِّرُهُمْ وَيُخَلُّونَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَالْأَمْوَالِ، وَالصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ، وَالْكُرَاعِ وَالْحَلْقَةِ، وَعَلَى الْبَزِّ، إِلَّا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْإِنْسَانِ، يَعْنِي لِبَاسَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَبَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ كَتَمْتُمْ شَيْئًا» ". فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَلِهَذَا لَمَّا كَتَمُوا وَكَذَبُوا وَأَخْفَوْا ذَلِكَ الْمَسْكَ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ، تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا عَهْدَ لَهُمْ، فَقُتِلَ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِهِ، بِسَبَبِ نَقْضِ الْعُهُودِ مِنْهُمْ وَالْمَوَاثِيقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>