وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَصَبْتُ مِنْ فَيْءِ خَيْبَرَ جِرَابَ شَحْمٍ. قَالَ: فَاحْتَمَلْتُهُ عَلَى عُنُقِي إِلَى رَحْلِي وَأَصْحَابِي. قَالَ: فَلَقِيَنِي صَاحِبُ الْمَغَانِمِ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهَا، فَأَخَذَ بِنَاحِيَتِهِ، وَقَالَ: هَلُمَّ هَذَا حَتَّى نَقْسِمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: وَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ لَا أُعْطِيكَهُ. قَالَ: وَجَعَلَ يُجَاذِبُنِي الْجِرَابَ. قَالَ: فَرَآنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نَصْنَعُ ذَلِكَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا، ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِ الْمَغَانِمِ: «لَا أَبَا لَكَ، خَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ» قَالَ: فَأَرْسَلَهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَحْلِي وَأَصْحَابِي فَأَكَلْنَاهُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي تَحْرِيمِهِ شُحُومَ ذَبَائِحِ الْيَهُودِ - مَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ - عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ (الْمَائِدَةِ: ٥) قَالَ: لَكُمْ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ طَعَامِهِمْ. فَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الشَّحْمُ مِمَّا كَانَ حَلَالًا لَهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ لَا يُخَمَّسُ.
وَيَعْضُدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute