للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْهِمْ، ذَكَرَ لَهُمْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ : «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ». وَقَالَ: أَنَا أَعُولُ مَنْ كَانَ يَعُولُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي. وَصَدَقَ، وَأَرْضَاهُ، فَإِنَّهُ الْبَارُّ الرَّاشِدُ فِي ذَلِكَ، التَّابِعُ لِلْحَقِّ، وَطَلَبَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ - عَلَى لِسَانِ فَاطِمَةَ، إِذْ قَدْ فَاتَهُمُ الْمِيرَاثُ - أَنْ يَنْظُرَا فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ، وَأَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِي الْمَصَارِفِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ يَصْرِفُهَا فِيهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمُ الصِّدِّيقُ ذَلِكَ، وَرَأَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ فِيمَا كَانَ يَقُومُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ مَسْلَكِهِ وَلَا عَنْ سُنَنِهِ. فَتَغَضَّبَتْ فَاطِمَةُ، ، عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَوَجَدَتْ فِي نَفْسِهَا بَعْضَ الْمَوْجِدَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَالصِّدِّيقُ مَنْ قَدْ عَرَفَتْ هِيَ وَالْمُسْلِمُونَ مَحِلَّهُ وَمَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقِيَامَهُ فِي نُصْرَةِ النَّبِيِّ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا، وَتُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ، ، بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ جَدَّدَ عَلِيٌّ الْبَيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، سَأَلُوهُ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إِلَى عَلِيٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَثَقَّلُوا عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ، فَفَعَلَ عُمَرُ، ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ وَاتِّسَاعِ مَمْلَكَتِهِ وَامْتِدَادِ رَعِيَّتِهِ، فَتَغَلَّبُ عَلَى عَلِيٍّ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ فِيهَا، ثُمَّ تَسَاوَقَا يَخْتَصِمَانِ إِلَى عُمَرَ، وَقَدَّمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ، وَسَأَلَا مِنْهُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا، فَيَنْظُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْآخَرُ. فَامْتَنَعَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِسْمَةُ تُشْبِهُ قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ، وَقَالَ: انْظُرَا فِيهَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>