إِنَّ زَيْدًا قَدْ كَانَ مِنَّا بِأَمْرٍ ... لَيْسَ أَمْرَ الْمُكَذَّبِ الْمَغْرُورِ
ثُمَّ جُودِي لِلْخَزْرَجِيِّ بِدَمْعٍ ... سَيِّدًا كَانَ ثَمَّ غَيْرَ نَزُورِ
قَدْ أَتَانَا مِنْ قَتْلِهِمْ مَا كَفَانَا ... فَبِحُزْنٍ نَبِيتُ غَيْرَ سُرُورِ
وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، فَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَكْبَرُ مِنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ عَقِيلٌ أَسَنَّ مِنْ جَعْفَرٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ طَالِبٌ أَسَنَّ مِنْ عَقِيلٍ بِعَشْرِ سِنِينَ، أَسْلَمَ جَعْفَرٌ قَدِيمًا، وَهَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ لَهُ هُنَالِكَ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، وَمَقَامَاتٌ مَحْمُودَةٌ، وَأَجْوِبَةٌ سَدِيدَةٌ، وَأَحْوَالٌ رَشِيدَةٌ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَقَدْ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أُسَرُّ، أَبِقُدُومِ جَعْفَرٍ، أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ؟» وَقَامَ إِلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ لَهُ يَوْمَ خَرَجُوا مِنْ عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» فَيُقَالُ: إِنَّهُ حَجَلَ عِنْدَ ذَلِكَ فَرَحًا. كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَلَمَّا بَعَثَهُ إِلَى مُؤْتَةَ جَعَلَهُ فِي الْإِمْرَةِ مُصَلِّيًا - أَيْ ثَانِيًا - لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَلَمَّا قُتِلَ وَجَدُوا فِيهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ مَا بَيْنَ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ، وَطَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُقْبِلٌ غَيْرَ مُدْبِرٍ، وَكَانَتْ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute