عُمْرَهُ يَوْمَ قُتِلَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، لِأَنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهَاجَرَ وَعُمْرُهُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَيَوْمُ مُؤْتَةَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ كَانَ يُقَالُ لِجَعْفَرٍ بَعْدَ قَتْلِهِ: الطَّيَّارُ. لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، وَكَانَ لِكَرَمِهِ يُقَالُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ: أَبُو الْمَسَاكِينِ لِإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، ثَنَا وُهَيْبٌ، ثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلَا انْتَعَلَ، وَلَا رَكِبَ الْمَطَايَا، وَلَا لَبِسَ الثِّيَابَ مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ مِنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا يُفَضِّلُهُ فِي الْكَرَمِ، فَأَمَّا فِي الْفَضِيلَةِ الدِّينِيَّةِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الصِّدِّيقَ وَالْفَارُوقَ بَلْ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَأَمَّا أَخُوهُ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مُتَكَافِئَانِ، أَوْ عَلِيٌّ أَفْضَلُ مِنْهُ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ تَفْضِيلَهُ فِي الْكَرَمِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي حِينَ لَا آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute