إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَادْفَعْ إِلَى الْمُغِيرَةِ عَمَّتَهُ». فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَاءً لِبَنِي سُلَيَمٍ، قَدْ هَرَبُوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكُوا ذَلِكَ الْمَاءَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْزِلْنِيهِ أَنَا وَقَوْمِي. قَالَ: «نَعَمْ». فَأَنْزَلَهُ، وَأَسْلَمَ - يَعْنِي السُّلَمِيِّينَ - فَأَتَوْا صَخْرًا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمُ الْمَاءَ، فَأَبَى، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْلَمْنَا وَأَتَيْنَا صَخْرًا لِيَدْفَعَ إِلَيْنَا مَاءَنَا، فَأَبَى عَلَيْنَا. فَقَالَ: «يَا صَخْرُ، إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، فَادْفَعْ إِلَيْهِمْ مَاءَهُمْ». قَالَ: نَعَمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَتَغَيَّرُ عِنْدَ ذَلِكَ حُمْرَةً; حَيَاءً مِنْ أَخْذِهُ الْجَارِيَةَ وَأَخْذِهُ الْمَاءَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ وَفِي إِسْنَادِهِ اخْتِلَافٌ.
قُلْتُ: وَكَانَتِ الْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ يُؤَخَّرَ الْفَتْحَ عَامَئِذٍ; لِئَلَّا يُسْتَأْصَلُوا قَتْلًا، لَأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ﷺ لَمَّا كَانَ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى أَنْ يُئْوُوهُ حَتَّى يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ ﷿، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَكَذَّبُوهُ، فَرَجَعَ مَهْمُومًا، فَلَمْ يَسْتَفِقْ إِلَّا عِنْدَ قَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَإِذَا هُوَ بِغَمَامَةٍ، وَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَاهُ مَلَكُ الْجِبَالِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute