قَدْ حَفَرُوا لَهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُفْرَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُدَلِّيَانِهِ إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: " أَدْنِيَا إِلَيَّ أَخَاكَمَا ". فَدَلَّيَاهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا هَيَّأَهُ لِشِقِّهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ أَمْسَيْتُ رَاضِيًا عَنْهُ فَارْضَ عَنْهُ» . قَالَ: يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ صَاحِبَ الْحُفْرَةِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ إِنَّمَا سُمِّيَ ذَا الْبِجَادَيْنِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا بِجَادٌ، وَهُوَ الْكِسَاءُ الْغَلِيظُ فَشَقَّهُ بِاثْنَتَيْنِ، فَائْتَزَرَ بِوَاحِدَةٍ وَارْتَدَى بِالْأُخْرَى، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُمِّيَ ذُو الْبِجَادَيْنِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ عَنِ ابْنِ أُكَيْمَةَ اللَّيْثِيِّ عَنِ ابْنِ أَخِي أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا رُهْمٍ كُلْثُومَ بْنَ الْحُصَيْنِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ يَقُولُ: «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَسِرْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَهُ وَنَحْنُ بِالْأَخْضَرِ، وَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيَّ النُّعَاسَ، فَطَفِقْتُ أَسْتَيْقِظُ وَقَدْ دَنَتْ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُفْزِعُنِي دُنُوُّهَا مِنْهُ ; مَخَافَةَ أَنْ أُصِيبَ رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ فَطَفِقْتُ أَحُوزُ رَاحِلَتِي عَنْهُ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَزَاحَمَتْ رَاحِلَتِي رَاحِلَتَهُ وَرِجْلُهُ فِي الْغَرْزِ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِقَوْلِهِ: " حَسِّ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي. قَالَ: " سِرْ ". فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute