للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَمَّا حَضَرَ رُجُوعُهُ أَوْثَقَ سَبْعَةٌ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِسَوَارِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ مَمَرُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: " مَنْ هَؤُلَاءِ؟ " قَالُوا: أَبُو لُبَابَةَ وَأَصْحَابٌ لَهُ، تَخَلَّفُوا عَنْكَ حَتَّى تُطْلِقَهُمْ وَتَعْذُرَهُمْ قَالَ: " وَأَنَا أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا أُطْلِقُهُمْ وَلَا أَعْذُرُهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، هُوَ الَّذِي يُطْلِقُهُمْ، رَغِبُوا عَنِّي، وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ". فَلَمَّا أَنْ بَلَغَهُمْ ذَلِكَ قَالُوا: وَنَحْنُ لَا نُطْلِقُ أَنْفُسَنَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُطْلِقُنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} [التوبة: ١٠٢] الْآيَةَ. " وَعَسَى " مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ فَأَطْلَقَهُمْ وَعَذَرَهُمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ أَمْوَالُنَا فَتَصَدَّقْ بِهَا عَنَّا، وَاسْتَغْفِرْ لَنَا، فَقَالَ: " مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ أَمْوَالَكُمْ ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: ١٠٣] إِلَى قَوْلِهِ {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٦] (التَّوْبَةِ: ١٠٣، ١٠٦) . وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَرْبِطُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي فَأُرْجِئُوا حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: ١١٧] إِلَى قَوْلِهِ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: ١١٨] إِلَى آخِرِهَا (التَّوْبَةِ: ١١٧، ١١٨) . وَكَذَا رَوَاهُ عَطِيَّةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِنَحْوِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُجَاهِدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ أَبِي لُبَابَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>