للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ حَقًّا، قَالَ: " صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا ". وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَهُوَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ".

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ الْوَاقِدِيُّ وَالْبُخَارِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَهُمْ، مِنَ الْوُفُودِ مَا هُوَ مُتَقَدِّمٌ تَارِيخَ قُدُومِهِمْ عَلَى سَنَةِ تِسْعٍ، بَلْ وَعَلَى فَتْحِ مَكَّةَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: ١٠] (الْحَدِيدِ: ١٠) . وَتُقَدَّمَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ".» فَيَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ السَّابِقِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْوَافِدِينَ عَلَى زَمَنِ الْفَتْحِ مِمَّنْ يُعَدُّ وُفُودُهُ هِجْرَةً، وَبَيْنَ اللَّاحِقِ لَهُمْ بَعْدَ الْفَتْحِ مِمَّنْ وَعَدَهُ اللَّهُ خَيْرًا وَحُسْنًى، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَالسَّابِقِ لَهُ فِي الزَّمَانِ وَالْفَضِيلَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ الَّذِينَ اعْتَنَوْا بِإِيرَادِ الْوُفُودِ قَدْ تَرَكُوا فِيمَا أَوْرَدُوهُ أَشْيَاءَ لَمْ يَذْكُرُوهَا، وَنَحْنُ نُورِدُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ مَا ذَكَرُوهُ، وَنُنَبِّهُ عَلَى مَا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذْكُرُ مَا وَقَعَ لَنَا مِمَّا أَهْمَلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>