إِلَّا شَدًّا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا هُوَ الذَّهَابُ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ، وَمِنْهَا إِلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هَاهُنَا الْهَرْوَلَةَ وَالْإِسْرَاعَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْنَا حَتْمًا، بَلْ لَوْ مَشَى الْإِنْسَانُ عَلَى هِينَةٍ فِي السَّبْعِ الطَّوْفَاتِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَرْمُلْ فِي الْمَسِيلِ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ، لَا يُعْرَفُ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ نَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ، ﵀، عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، ثُمَّ قَالَ: ثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَمْشِي فِي الْمَسْعَى فَقُلْتُ: أَتَمْشِي فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ فَقَالَ: لَئِنْ سَعَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْعَى، وَلَئِنْ مَشَيْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَمْشِي، وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ هَذَا. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ شَاهَدَ الْحَالَيْنِ مِنْهُ ﷺ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ; أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي وَقْتٍ مَاشِيًا لَمْ يَمْزُجْهُ بِرَمَلٍ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ رَآهُ يَسْعَى فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَيَمْشِي فِي بَعْضِهِ. وَهَذَا لَهُ قُوَّةٌ; لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute