للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَأَنَا أَبَرُّ وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلَا أَنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ». فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِيَ لَنَا أَوْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: «لَا بَلْ لِلْأَبَدِ».

وَقَالَ مُسْلِمٌ: ثَنَا قُتَيْبَةُ، ثَنَا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَقْبَلْنَا مُهِلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وَأَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بِعُمْرَةٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِسَرِفٍ عَرَكَتْ، حَتَّى إِذَا قَدِمْنَا طُفْنَا بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَحِلَّ مِنَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ. قَالَ: فَقُلْنَا: حِلُّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْحِلُّ كُلُّهُ». فَوَاقَعْنَا النِّسَاءَ، وَتَطَيَّبْنَا بِالطِّيبِ، وَلَبِسْنَا ثِيَابَنَا، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا أَرْبَعُ لَيَالٍ. فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ فِيهِمَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ، ، قَدِمَ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِصُبْحِ رَابِعَةِ ذِي الْحِجَّةِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَحَدِ حِينَ ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَقْتَ الضَّحَاءِ; لِأَنَّ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ تِلْكَ السَّنَةَ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ مِنْهُ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِنَصِّ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الثَّابِتِ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» كَمَا سَيَأْتِي. فَلَمَّا قَدِمَ، ، يَوْمَ الْأَحَدِ رَابِعَ الشَّهْرِ بَدَأَ - كَمَا ذَكَرْنَا - بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَلَمَّا انْتَهَى طَوَافُهُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْمَرْوَةِ، أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتْمًا، فَوَجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَا مَحَالَةَ، فَفَعَلُوهُ وَبَعْضُهُمْ مُتَأَسِّفٌ; لِأَجْلِ أَنَّهُ، ، لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ لِأَجْلِ سَوْقِهِ الْهَدْيَ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ مُوَافَقَتَهُ، ، وَالتَّأَسِّيَ بِهِ، فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>