قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: فَهَذَا جَابِرٌ وَعَائِشَةُ قَدِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ، ﵊، صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ، وَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَضْبَطُ لِذَلِكَ مِنَ ابْنِ عُمَرَ. كَذَا قَالَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ رِوَايَةِ عَائِشَةَ هَذِهِ لَيْسَتْ نَاصَّةً أَنَّهُ، ﵊، صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، بَلْ مُحْتَمِلَةٌ; إِنْ كَانَ الْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَةِ: حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ. وَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ: حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ. وَهُوَ الْأَشْبَهُ; فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ، ﵊، صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْبَيْتِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ. وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ. وَعَلَى هَذَا فَيَبْقَى مُخَالِفًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ إِلَى الْبَيْتِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَكِبَ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَصَلَّاهَا بِمَكَّةَ.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَخَّرَ النَّبِيُّ ﷺ الزِّيَارَةَ - يَعْنِي طَوَافَ الزِّيَارَةِ - إِلَى اللَّيْلِ. وَهَذَا الَّذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَنُوحِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخَّرَ الطَّوَافَ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى اللَّيْلِ. وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute