للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا فَضْلُ قَالَ: فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ: نَادِ فِي النَّاسِ يَا فَضْلُ فَنَادَيْتُ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً. قَالَ: فَاجْتَمَعُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ خَطِيبًا فَقَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهَرُكُمْ، وَلَنْ تَرَوْنِي فِي هَذَا الْمَقَامِ فِيكُمْ، وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مُغْنٍ عَنِّي حَتَّى أَقُومَهُ فِيكُمْ، أَلَا فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ، وَمَنْ كُنْتُ أَخَذْتُ لَهُ مَالًا فَهَذَا مَالِي فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ، وَلَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: أَخَافُ الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ ، أَلَا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِي وَلَا مِنْ خُلُقِي، وَإِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مِنْ أَخَذَ حَقًّا إِنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ، أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ اللَّهَ ﷿ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عِنْدِي مَظْلِمَةٌ» قَالَ: فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِي عِنْدَكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. فَقَالَ: «أَمَّا أَنَا فَلَا أُكَذِّبُ قَائِلًا وَلَا مُسْتَحْلِفُهُ عَلَى يَمِينٍ، فِيمَ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي؟» قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّهُ مَرَّ بِكَ سَائِلٌ فَأَمَرْتَنِي، فَأَعْطَيْتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. قَالَ: «أَعْطِهِ يَا فَضْلُ» قَالَ: وَأَمَرَ بِهِ فَجَلَسَ. قَالَ: ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ فِي مَقَالَتِهِ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْغُلُولِ شَيْءٌ فَلْيَرُدَّهُ» فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ غَلَلْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: «فَلِمَ غَلَلْتَهَا؟» قَالَ: كُنْتُ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا. قَالَ: «خُذْهَا مِنْهُ يَا فَضْلُ» ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ فِي مَقَالَتِهِ الْأُولَى وَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيَقُمْ أَدْعُو اللَّهَ لَهُ» فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمُنَافِقٌ، وَإِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>