للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَتْ: وَاقَوْمَاهْ. فَسَقَطَ عَلَيْهَا حَجْرٌ فَدَمَغَهَا، وَأَلْحَقَهَا بِقَوْمِهَا إِذْ كَانَتْ عَلَى دِينِهِمْ، وَكَانَتْ عَيْنًا لَهُمْ عَلَى مَنْ يَكُونُ عِنْدَ لُوطٍ مِنَ الضِّيفَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: ١٠] . أَيْ خَانَتَاهُمَا فِي الدِّينِ فَلَمْ تَتْبَعَاهُمَا فِيهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى فَاحِشَةٍ حَاشَا وَكَلَّا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّرُ عَلَى نَبِيٍّ أَنْ تَبْغِيَ امْرَأَتُهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ. وَمَنْ قَالَ خِلَافَ هَذَا فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً كَبِيرًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ لَمَّا أَنْزَلَ بَرَاءَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَعَاتَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّبَ وَزَجَرَ، وَوَعَظَ وَحَذَّرَ. وَقَالَ فِيمَا قَالَ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٥] . أَيْ وَمَا هَذِهِ الْعُقُوبَةُ بِبَعِيدَةٍ مِمَّنْ أَشْبَهَهُمْ فِي فِعْلِهِمْ؛ وَلِهَذَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ اللَّائِطَ يُرْجَمُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَطَائِفَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>