للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَأْذَنَّ لِي، فَلْأَكُنْ عِنْدَ عَائِشَةَ» فَكُنْتُ أُمَرِّضُهُ، وَلَمْ أُمَرِّضْ أَحَدًا قَبْلَهُ، فَبَيْنَمَا رَأْسُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَنْكِبِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ نَحْوَ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً، فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُقْطَةٌ بَارِدَةٌ، فَوَقَعَتْ عَلَى ثَغْرَةِ نَحْرِي، فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَسَجِيَّتُهُ ثَوْبًا، فَجَاءَ عُمَرُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَاسْتَأْذَنَا، فَأَذِنْتُ لَهُمَا وَجَذَبْتُ إِلَيَّ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَاغَشْيَاهْ! مَا أَشَدَّ غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ . ثُمَّ قَامَا، فَلَمَّا دَنَوَا مِنَ الْبَابِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا عُمَرُ، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ تَحُوسُكَ فِتْنَةٌ; إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَفَعْتُ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ . ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَحَدَرَ فَاهُ، فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَانَبِيَّاهْ! ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ حَدَرَ فَاهُ، وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَاصَفِيَّاهْ! ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: وَاخَلِيلَاهْ! مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ . فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَيَتَكَلَّمُ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزُّمَرِ: ٣٠]. حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ. وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آلِ عِمْرَانَ: ١٤٤]. حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>