عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ وَلِيتُهَا فَعَمِلْتُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ جِئْتُمَانِي فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا لِتَعْمَلَا فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمِلْتُ فِيهَا أَنَا، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ. قَالَ: أَفَتَلْتَمِسَانِ مِنِّي قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ؟! لَا وَالَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، أَعَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» قَالُوا: نَعَمْ. عَلَى شَرْطِ «الصَّحِيحَيْنِ».
قُلْتُ: وَكَانَ الَّذِي سَأَلَاهُ بَعْدَ تَفْوِيضِ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، هُوَ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمَا النَّظَرَ، فَيَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَظَرَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِالْإِرْثِ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَانَ وَارِثًا، وَكَأَنَّهُمَا قَدَّمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ; عُثْمَانُ وَابْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ شَدِيدَةٌ بِسَبَبِ إِشَاعَةِ النَّظَرِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَدَّمَاهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخَرِ. فَكَأَنَّ عُمَرَ ﵁ تَحَرَّجَ مِنْ قِسْمَةِ النَّظَرِ بَيْنَهُمَا بِمَا يُشْبِهُ قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ; مُحَافَظَةً عَلَى امْتِثَالِ قَوْلِهِ ﷺ «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ وَأَبَى مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute