وَهَذَا مِنْ كُفْرِهِمُ الْبَلِيغِ وَعِنَادِهِمُ الشَّنِيعِ حَيْثُ قَالُوا: مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ. أَيْ مَا نَفْهَمُهُ وَلَا نَتَعَقَّلُهُ لِأَنَّا لَا نُحِبُّهُ وَلَا نُرِيدُهُ، وَلَيْسَ لَنَا هِمَّةٌ إِلَيْهِ وَلَا إِقْبَالٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فُصِّلَتْ: ٥]. وَقَوْلُهُمْ: وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا. أَيْ مُضْطَهَدًا مَهْجُورًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ أَيْ: قَبِيلَتُكَ وَعَشِيرَتُكَ فِينَا لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ. أَيْ تَخَافُونَ قَبِيلَتِي وَعَشِيرَتِي وَتُرَاعُونِي بِسَبَبِهِمْ، وَلَا تَخَافُونَ جَنَبَةَ اللَّهِ، وَلَا تَرْعَوْنِي لِأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَصَارَ رَهْطِي أَعَزَّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا. أَيْ جَعَلْتُمْ جَانِبَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ. أَيْ هُوَ عَلِيمٌ بِمَا تَعْمَلُونَهُ وَمَا تَصْنَعُونَهُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَيْهِ يَوْمَ تُرْجَعُونَ إِلَيْهِ وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ. وَهَذَا أَمْرُ تَهْدِيدٍ شَدِيدٍ وَوَعِيدٍ أَكِيدٍ بِأَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ وَمَنْهَجِهِمْ وَشَاكِلَتِهِمْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ، وَمَنْ يَحِلُّ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَالْبَوَارُ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ. أَيْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ. أَيْ فِي الْأُخْرَى وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ. أَيْ مِنِّي وَمِنْكُمْ فِيمَا أَخْبَرَ وَبَشَّرَ وَحَذَّرَ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute