وَذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ غَزَا غَزْوَةَ الصَّوَارِي فِي الْبَحْرِ إِلَى الرُّومِ، وَهِيَ غَزْوَةٌ عَظِيمَةٌ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي مَوْضِعِهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ، وَاسْتَنَابَ عَلَيْهَا لِيَذْهَبَ إِلَى عُثْمَانَ لِيَنْصُرَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانِ أَقَامَ بِعَسْقَلَانَ، وَقِيلَ: بِالرَّمْلَةِ، وَدَعَا اللَّهَ أَنْ يَقْبِضَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَصَلَّى يَوْمًا الْفَجْرَ، وَقَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا " بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ "، وَ " الْعَادِيَّاتِ "، وَفِي الثَّانِيَةِ " بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ "، وَسُورَةٍ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ التَّشَهُّدِ سَلَّمَ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الثَّانِيَةَ فَمَاتَ بَيْنَهُمَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ. وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَقِيلَ إِنَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قُلْتُ: وَلَمْ يَقَعْ لَهُ رِوَايَةٌ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَا فِي " الْمُسْنَدِ " لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَمِنْهُمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْوَعْدُ بِأَنَّ تَرْجَمَتَهُ سَتَأْتِي فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِهِ الثِّقَةُ، وَقَدْ جَمَعْتُ مُجَلَّدًا فِي سِيرَتِهِ، وَمَا رَوَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَمَا رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْآثَارِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى كِتَابَتِهِ مَا ذَكَرَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الْزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، عَنْ أَبِيهِ، «عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ حِينَ اتَّبَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الْغَارِ فَمَرُّوا عَلَى أَرْضِهِمْ، فَلَمَّا غَشِيَهُمْ - وَكَانَ مِنْ أَمْرِ فَرَسِهِ مَا كَانَ - سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابَ أَمَانٍ، فَأَمَرَ أَبَا بَكْرٍ فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا، ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيْهِ» .
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ الْزُّهْرِيِّ بِهَذَا السَّنَدِ أَنَّ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute