للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي عُمُومَةٍ لِي، فَأَرْشَدُونَا إِلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى زَمْزَمَ، فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا أَبْيَضُ، تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، بَرَّاقُ الثَّنَايَا، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ، كَأَنَّهُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» . وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، «وَطَوَافَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالْبَيْتِ وَصَلَاتَهُ عِنْدَهُ هُوَ وَخَدِيجَةُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّهُمْ سَأَلُوا الْعَبَّاسَ عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا هُوَ ابْنُ أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ» .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي ".» فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يَعْنِي بِعَيْنَيْ قَلْبِهِ. حَتَّى فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء: ٢١٩] بِذَلِكَ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا يَنْظُرُ أَمَامَهُ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فَى كِتَابِهِ " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ "، فَبَوَّبَ عَلَيْهِ وَأَوْرَدَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فَى ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ وَحُمَيْدٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ وَقَتَادَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>