للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو الْخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ الْمِصْرِيُّ فِي كِتَابِهِ " التَّنْوِيرِ فِي مَوْلِدِ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ " عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بِشْرٍ الْمَعْرُوفِ بِالْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْخَاتَمُ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامَةٍ مَكْتُوبٌ فِي بَاطِنِهَا: اللَّهُ وَحْدَهُ. وَفِي ظَاهِرِهَا: تَوَجَّهْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّكَ مَنْصُورٌ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ. وَاسْتَنْكَرَهُ، قَالَ: وَقِيلَ: كَانَ مِنْ نُورٍ. ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ فِي كِتَابِهِ " تَنَقُّلِ الْأَنْوَارِ " وَحَكَى أَقْوَالًا غَرِيبَةً غَيْرَ ذَلِكَ، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ دِحْيَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَبْلَهُ فِي الْحِكْمَةِ فِي كَوْنِ الْخَاتَمِ كَانَ بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَكَ يَأْتِي مِنْ وَرَائِكَ. قَالَ: وَقِيلَ كَانَ عَلَى نُغْضِ كَتِفِهِ. لِأَنَّهُ يُقَالُ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَدْخُلُ الشَّيْطَانُ مِنْهُ إِلَى بَاطِنِ الْإِنْسَانِ. فَكَانَ هَذَا عِصْمَةً لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الشَّيْطَانِ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَا رَسُولَ، عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب: ٤٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>