للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَظٍ، وَآهِبَةٍ مُعَلَّقَةٍ، وَصُبْرَةٍ مِنْ شَعِيرٍ، وَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رُمَالِ حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَهَمَلَتْ عَيْنَا عُمَرَ، فَقَالَ: " مَا لَكَ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْتَ صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرُ فِيمَا هَمَا فِيهِ! فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ، فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا بْنَ الْخَطَّابِ؟ " ثُمَّ قَالَ: " أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا ". وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَلَنَا الْآخِرَةُ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " فَاحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ "، ثُمَّ لَمَّا انْقَضَى الشَّهْرُ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٨] » [الْأَحْزَابِ: ٢٨، ٢٩] . وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا مَبْسُوطًا فِي كِتَابِنَا " التَّفْسِيرِ " وَأَنَّهُ بَدَأَ بِعَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، وَتَلَا عَلَيْهَا هَذِهِ الْآيَةَ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟! فَإِنِّي أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. وَكَذَلِكَ قَالَ سَائِرُ أَزْوَاجِهِ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ.

وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فُضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ مَرْمُولٍ بِالشَّرِيطِ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مَنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>