حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لَهُ، فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى، ثُمَّ غَابَتْ ثَانِيَةً» . ثُمَّ قَالَ: وَدَاوُدُ ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَمِنْ تَغْفِيلِ وَاضِعِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى صُورَةِ فَضِيلَةٍ، وَلِمَ يَتَلَمَّحْ عَدَمَ الْفَائِدَةِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ صَارَتْ قَضَاءً، فَرُجُوعُ الشَّمْسِ لَا يُعِيدُهَا أَدَاءً، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا لِيُوشَعَ» .
قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَمُنْكَرٌ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ، فَلَا تَخْلُو وَاحِدَةٌ مِنْهَا عَنْ شِيعِيٍّ وَمَجْهُولِ الْحَالِ، وَشِيعِيٍّ وَمَتْرُوكٍ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرٌ وَاحِدٌ إِذَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ مَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ بِالتَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ، لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ هَذَا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى جَنَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " أَنَّهَا رُدَّتْ لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ حَاصَرَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَاتَّفَقَ ذَلِكَ فِي آخِرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَكَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ يَوْمَ السَّبْتَ، فَنَظَرَ إِلَى الشَّمْسِ وَقَدْ تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ، فَقَالَ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ. فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحُوهَا. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ جَاهًا، وَأَجَلُّ مَنْصِبًا، وَأَعْلَى قَدْرًا مِنْ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، بَلْ مِنْ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَكِنْ لَا نَقُولُ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَنَا عَنْهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute