للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ ﷿، هُوَ الَّذِي يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ، وَأَنَا مُبَلِّغٌ عَنْهُ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ صِدْقِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ؛ لِأَنِّي نَشَأْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ نَسَبِي وَصِدْقِي، وَأَمَانَتِي، وَأَنِّي لَمْ أَكْذِبْ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، فَكَيْفَ يَسَعُنِي أَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ﷿، مَالِكِ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، الَّذِي هُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ؟! وَأَيُّ ذَنْبٍ عِنْدَهُ أَعْظَمُ مِنَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ، وَنِسْبَةِ مَا لَيْسَ مِنْهُ إِلَيْهِ؟ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ [الْحَاقَّةِ: ٤٤ - ٤٧] أَيْ لَوْ كَذَبَ عَلَيْنَا لَانْتَقَمْنَا مِنْهُ أَشَدَّ الِانْتِقَامِ، وَمَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَحْجِزَنَا عَنْهُ وَلَا يَمْنَعَنَا مِنْهُ.

وَقَالَ تَعَالَى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ [الْأَنْعَامِ: ٩٣] وَقَالَ تَعَالَى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الْأَنْعَامِ: ١٩] وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ اللَّهَ شَهِيدٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ تَعَالَى أَعْظَمُ الشُّهَدَاءِ، وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ عَنْهُ، وَتَتَضَمَّنُ قُوَّةُ الْكَلَامِ قَسَمًا بِهِ أَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَى الْخَلْقِ لِأُنْذِرَهُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ، فَمَنْ بَلَغَهُ مِنْهُمْ فَهُوَ نَذِيرٌ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ [هُودٍ: ١٧] فَفِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنَ الْأَخْبَارِ الصَّادِقَةِ عَنِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَعَرْشِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ، كَالسَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِينَ، وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا فِيهِنَّ، أُمُورٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ مُبَرْهَنَةٌ بِالْأَدِلَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>