للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: يَا أَنَسُ، أَخْبِرْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ. قَالَ: نَعَمْ يَا ثَابِتُ، «خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيَّ شَيْئًا أَسَأْتُ فِيهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَحَ عَرُوسًا، وَلَا أَدْرِي أَصْبَحَ لَهُ غَدَاءٌ، فَهَلُمَّ تِلْكَ الْعُكَّةَ. فَأَتَيْتُهَا بِالْعُكَّةِ وَبِتَمْرٍ، فَجَعَلَتْ لَهُ حَيْسًا، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَامْرَأَتِهِ. فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ ذَلِكَ الْحَيْسٌ، قَالَ: " ضَعْهُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، وَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَعُثْمَانَ " - وَنَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ - " ثُمَّ ادْعُ لِيَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ، وَمَنْ رَأَيْتَ فِي الطَّرِيقِ ". قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ قِلَّةِ الطَّعَامِ، وَمِنْ كَثْرَةِ مَا يَأْمُرُنِي أَنْ أَدْعُوَ النَّاسَ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَعْصِيَهُ، حَتَّى امْتَلَأَ الْبَيْتُ وَالْحُجْرَةُ، فَقَالَ: " يَا أَنَسُ هَلْ تَرَى مَنْ أَحَدٍ؟ " فَقُلْتُ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " هَاتِ ذَلِكَ التَّوْرَ ". فَجِئْتُ بِذَلِكَ التَّوْرِ، فَوَضَعْتُهُ قُدَّامَهُ، فَغَمَسَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ فِي التَّوْرِ، فَجَعَلَ التَّمْرُ يَرْبُو، فَجَعَلُوا يَتَغَدَّوْنَ وَيَخْرُجُونَ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا أَجْمَعُونَ وَبَقِيَ فِي التَّوْرِ نَحْوُ مَا جِئْتُ بِهِ، قَالَ: " ضَعْهُ قُدَّامَ زَيْنَبَ ". فَخَرَجْتُ وَأَسْفَقْتُ عَلَيْهِمْ بَابًا مِنْ جَرِيدٍ. قَالَ ثَابِتٌ: قُلْنَا: يَا أَبَا حَمْزَةَ، كَمْ تَرَى كَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>