للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ هَدِيَّةٌ، أَصَابَ مِنْهَا وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْهَا، وَإِذَا جَاءَتْهُ الصَّدَقَةُ، أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُصِبْ مِنْهَا. قَالَ: وَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنَ اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا بَقِيَّةَ يَوْمِي وَلَيْلَتِي، وَقُلْتُ: أَنَا الرَّسُولُ، فَإِذَا جَاءَ الْقَوْمُ كُنْتُ أَنَا الَّذِي أُعْطِيهِمْ. وَقُلْتُ: مَا يَبْقَى لِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ؟ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: «أَبَا هِرٍّ خُذْ فَأَعْطِهِمْ». فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِمْ، فَيَأْخُذُ الرَّجُلُ الْقَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ الْقَدَحَ، وَأُعْطِيهِ الْآخَرَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ الْقَدَحَ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِمْ، وَدَفَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ فِي يَدِهِ، وَبَقِيَ فِيهِ فَضْلَةٌ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَنَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ». فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» فَقُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ». قَالَ: فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ لِي: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ لِي: «اشْرَبْ» فَأَشْرَبُ، حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ فِيَّ مَسْلَكًا. قَالَ: «نَاوِلْنِي الْقَدَحِ». فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ الْقَدَحَ فَشَرِبَ مِنَ الْفَضْلَةِ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ هَنَّادٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>