وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يُوسُفَ: ٥٤ - ٥٧]. لَمَّا ظَهَرَ لِلْمَلِكِ بَرَاءَةُ عِرْضِهِ، وَنَزَاهَةُ سَاحَتِهِ عَمَّا كَانُوا أَظْهَرُوا عَنْهُ مِمَّا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ قَالَ: ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي. أَيْ أَجْعَلْهُ مِنْ خَاصَّتِي وَمِنْ أَكَابِرِ دَوْلَتِي وَمِنْ أَعْيَانِ حَاشِيَتِي، فَلَمَّا كَلَّمَهُ وَسَمِعَ مَقَالَهُ وَتَبَيَّنَ حَالَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ. أَيْ ذُو مَكَانَةٍ وَأَمَانَةٍ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ. طَلَبَ أَنْ يُوَلِّيَهُ النَّظَرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَهْرَاءِ لِمَا يَتَوَقَّعُ مِنْ حُصُولِ الْخَلَلِ فِيمَا بَعْدَ مُضِيِّ سَبْعِ سِنِيِّ الْخِصْبِ لِيَنْظُرَ فِيهَا بِمَا يُرْضِي اللَّهَ فِي خَلْقِهِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ لَهُمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ، وَأَخْبَرَ الْمَلِكَ أَنَّهُ حَفِيظٌ أَيْ قَوِيٌّ عَلَى حِفْظِ مَا لَدَيْهِ أَمِينٌ عَلَيْهِ عَلِيمٌ بِضَبْطِ الْأَشْيَاءِ وَمَصَالِحِ الْأَهْرَاءِ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ طَلَبِ الْوِلَايَةِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَةَ وَالْكَفَاءَةَ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ فِرْعَوْنَ عَظَّمَ يُوسُفَ ﵇ جِدًّا، وَسَلَّطَهُ عَلَى جَمِيعِ أَرْضِ مِصْرَ وَأَلْبَسَهُ خَاتَمَهُ وَأَلْبَسَهُ الْحَرِيرَ وَطَوَّقَهُ الذَّهَبَ وَحَمَلَهُ عَلَى مَرْكَبِهِ الثَّانِي، وَنُودِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْتَ رَبٌّ أَيْ مَالِكٌ وَمُسَلَّطٌ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute