وَقَدِ اعْتَنَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ بِحَدِيثِ الْبَعِيرِ فِي كِتَابِهِ «دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ» وَطُرُقِهِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ الثُّمَالِيِّ قَالَ: جِيءَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِسِتِّ زَوْدٍ فَجَعَلْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ. وَقَدْ قَدَّمْتُ الْحَدِيثَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
قُلْتُ: قَدْ أَسْلَفْنَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ قِصَّةِ الشَّجَرَتَيْنِ، وَذَكَرْنَا آنِفًا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ الْجَمَلِ، لَكِنْ بِسِيَاقٍ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَذَا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِي حَدِيثُ الصَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُصْرَعُ وَدُعَاؤُهُ، ﵊، لَهُ وَبُرْؤُهُ فِي الْحَالِ، مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى.
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ الْبَرَازَ تَبَاعَدَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ وَلَا شَجَرٌ، فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ خُذِ الْإِدَاوَةَ وَانْطَلِقْ بِنَا». فَمَلَأْتُ الْإِدَاوَةَ مَاءً، وَانْطَلَقْنَا فَمَشَيْنَا حَتَّى لَا نَكَادُ نُرَى، فَإِذَا شَجَرَتَانِ بَيْنَهُمَا أَذْرُعٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا جَابِرُ، انْطَلِقْ فَقُلْ لِهَذِهِ الشَّجَرَةِ: يَقُولُ لَكِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْحَقِي بِصَاحِبَتِكِ حَتَّى أَجْلِسَ خَلْفَكُمَا». فَفَعَلْتُ، فَرَجَعَتْ فَلَحِقَتْ بِصَاحِبَتِهَا، فَجَلَسَ خَلْفَهُمَا حَتَّى قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ رَجَعْنَا فَرَكِبْنَا رَوَاحِلَنَا، فَسِرْنَا كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ تُظِلُّنَا، وَإِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ قَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute