بَعْضُهُمْ:
وَرَاءَ مَضِيقِ الْخَوْفِ يَتَّسِعُ الْأَمْنُ … وَأَوَّلُ مَفْرُوحٍ بِهِ آخِرُ الْحُزْنِ
فَلَا تَيْأَسَنْ فَاللَّهُ مَلَّكَ يُوسُفًا … خَزَائِنَهُ بَعْدَ الْخَلَاصِ مِنَ السِّجْنِ
وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [يُوسُفَ: ٥٨ - ٦٢]. يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ قُدُومِ إِخْوَةِ يُوسُفَ ﵇ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَمْتَارُونَ طَعَامًا، وَذَلِكَ بَعْدَ إِتْيَانِ سِنِيِّ الْجَدْبِ وَعُمُومِهَا عَلَى سَائِرِ الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ، وَكَانَ يُوسُفُ ﵇ إِذْ ذَاكَ الْحَاكِمَ فِي أُمُورِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ دِينًا وَدُنْيَا، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ عَرَفَهُمْ، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ مَا صَارَ إِلَيْهِ يُوسُفُ ﵇ مِنَ الْمَكَانَةِ، وَالْعَظَمَةِ، فَلِهَذَا عَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ لَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ سَجَدُوا لَهُ فَعَرَفَهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ لَا يَعْرِفُوهُ فَأَغْلَظَ لَهُمْ فِي الْقَوْلِ. وَقَالَ: أَنْتُمْ جَوَاسِيسُ جِئْتُمْ لِتَأْخُذُوا خَبَرَ بِلَادِي. فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّمَا جِئْنَا نَمْتَارُ لِقَوْمِنَا مِنَ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ الَّذِي أَصَابَنَا، وَنَحْنُ بَنُو أَبٍ وَاحِدٍ مِنْ كَنْعَانَ، وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ذَهَبَ مِنَّا وَاحِدٌ، وَصَغِيرُنَا عِنْدَ أَبِينَا. فَقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ أَسْتَعْلِمَ أَمْرَكُمْ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُ حَبَسَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute