للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ حِينَ دَخَلُوا بِأَخِيهِمْ بِنْيَامِينَ عَلَى شَقِيقِهِ يُوسُفَ، وَإِيوَائِهِ إِلَيْهِ وَإِخْبَارِهِ لَهُ سِرًّا عَنْهُمْ بِأَنَّهُ أَخُوهُ، وَأَمْرِهِ بِكَتْمِ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَسَلَّاهُ عَمَّا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِ، ثُمَّ احْتَالَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُمْ، وَتَرْكِهِ إِيَّاهُ عِنْدَهُ دُونَهُمْ، فَأَمَرَ فِتْيَانَهُ بِوَضْعِ سِقَايَتِهِ، وَهِيَ الَّتِي كَانَ يَشْرَبُ بِهَا، وَيَكِيلُ بِهَا لِلنَّاسِ الطَّعَامَ مِنْ عِزَّتِهِ فِي مَتَاعِ بِنْيَامِينَ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَدْ سَرَقُوا صُوَاعَ الْمَلِكِ، وَوَعَدَهُمْ جِعَالَةً عَلَى رَدِّهِ حِمْلَ بَعِيرٍ، وَضَمِنَهُ الْمُنَادِي لَهُمْ فَأَقْبَلُوا عَلَى مَنِ اتَّهَمَهُمْ بِذَلِكَ فَأَنَّبُوهُ، وَهَجَّنُوهُ فِيمَا قَالَهُ لَهُمْ، وَقَالُوا: {تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف: ٧٣] . يَقُولُونَ: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنَّا خِلَافَ مَا رَمَيْتُمُونَا بِهِ مِنَ السَّرِقَةِ {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [يوسف: ٧٤] . وَهَذِهِ كَانَتْ شَرِيعَتَهُمْ أَنَّ السَّارِقَ يُدْفَعُ إِلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [يوسف: ٧٥] . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: ٧٦] . لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْعَدَ لِلتُّهْمَةِ وَأَبْلَغَ فِي الْحِيلَةِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: ٧٦] . أَيْ لَوْلَا اعْتِرَافُهُمْ بِأَنَّ جَزَاءَهُ مَنْ وُجِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>