للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمْضَاهُ، وَقَدْ فَسَّرَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ هَذِهِ الْآيَةَ بِخِلَافَةِ الصِّدِّيقِ، وَلَا شَكَّ فِي دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَكِنْ لَا تَخْتَصُّ بِهِ، بَلْ تَعُمُّهُ كَمَا تَعُمُّ غَيْرَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ ": «إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ.

وَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣٣] . وَهَكَذَا وَقَعَ، وَعَمَّ هَذَا الدِّينُ، وَغَلَبَ وَعَلَا عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَعَلَتْ كَلِمَتُهُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعَدَهُمْ، وَذَلَّتْ لَهُمْ سَائِرُ الْبِلَادِ، وَدَانَ لَهُمْ جَمِيعُ أَهْلِهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ، وَصَارَ النَّاسُ إِمَّا مُؤْمِنًا دَاخِلًا فِي الدِّينِ، وَإِمَّا مُهَادِنًا بَاذِلًا الطَّاعَةَ وَالْمَالَ، وَإِمَّا مُحَارِبًا خَائِفًا وَجِلًا مِنْ سَطْوَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ «: " إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكَ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا»

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦] الْآيَةَ [الْفَتْحِ: ١٦] . وَسَوَاءٌ كَانَ هَؤُلَاءِ هُمْ هَوَازِنَ، أَوْ أَصْحَابَ مُسَيْلِمَةَ، أَوِ الرُّومَ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>