للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا تَرَى فِي رَجُلٍ مِنَّا زَنَا بَعْدَ مَا أُحَصِنَ؟ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ شَيْئًا، وَقَامَ مَعَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى أَتَوْا بَيْتَ مِدْرَاسِ الْيَهُودِ، فَوَجَدُوهُمْ يَتَدَارَسُونَ التَّوْرَاةَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ : «يَا مَعْشَرَ، الْيَهُودِ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَنْ زَنَا إِذَا أُحْصِنَ؟» قَالُوا: نُجَبِّيهِ وَالتَّجْبِيَةُ أَنْ يَحْمِلُوا اثْنَيْنِ عَلَى حِمَارٍ فَيُوَلُّوا ظَهْرَ أَحَدِهِمَا ظَهْرَ الْآخَرِ - قَالَ: وَسَكَتَ حَبْرُهُمْ، وَهُوَ فَتًى شَابٌّ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَامِتًا أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَةَ، فَقَالَ حَبْرُهُمْ: أَمَا إِذْ نَشَدْتَهُمْ فَإِنَّا نَجِدَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ. قَالَ النَّبِيُّ : «فَمَا أَوَّلُ مَا تَرَخَّصْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ، ﷿؟» فَقَالَ: زَنَى رَجُلٌ مِنَّا ذُو قُرَابَةٍ بِمَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا، فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْمَ فَزَنَا بَعْدَهُ آخَرُ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ ذَلِكَ الْمَلِكُ أَنْ يَرْجُمَهُ، فَقَامَ قَوْمُهُ دُونَهُ فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَرْجُمُهُ حَتَّى يَرْجُمَ فُلَانًا ابْنَ عَمِّهِ، فَاصْطَلَحُوا بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «فَإِنِّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ». فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِهِمَا فَرُجِمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَبَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا [الْمَائِدَةِ: ٤٤]. وَلَهُ شَاهِدٌ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنِ ابْنِ عُمَرَ. قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا وَرَدَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنَ الْأَحَادِيثِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>